مجلة البنوك العدد 9 مجلد 43 الالكتروني1

مقابلة العدد 30 كيفتأثّرتأموالالضرائبالفلسطينيّة "المقاصّة" بالأحداث الأخيرة وما هي التداعيات الماليّة لقرارات إسرائيل الأخيرة؟ تتكوّن إيراداتالحكومة الفلسطينيّةمن إيراداتالجباية المحلّيّة (الضريبيّة وغير الضريبيّة) وإيرادات المقاصّة (الجمارك، والقيمة المضافة، وضريبة الشراء، وضريبة البترول، وضريبة الدخل) الّتي يجبيها الجانب الإسرائيليّ نيابة عن الحكومة الفلسطينيّة، على أن تعاد إلى 3% الحكومة الفلسطينيّة في فترة لاحقة بعد اقتطاع منها كعمولة إداريّة. وتشكّل هذه الإيرادات حوالي ثلثي إجماليّ الإيرادات الحكومة، ولها دور حيويّ في استدامة عمليّاتماليّة الحكومة. غير أنّ الجانب الإسرائيليّ يستخدم هذه الإيرادات في كثير من الأحيان كورقة ضغط ومساومة على الجانب الفلسطينيّ، الأمر الّذي يبقيها عرضة للتوقّف/الانقطاع، أو عدم الانتظام في تحويلها إلى الجانب الفلسطينيّ، إضافة إلى بقائها عرضة للاقتطاعات الإسرائيليّة المستمرّة والمتزايدة، متحجّجاً بالعديد من الذرائع غير المبرّرة وغير المقبولة، كما حصل خلال العدوان الأخير على قطاع غزّة. إذ قام الجانب الإسرائيليّ باقتطاع مبالغ إضافيّة من هذه الإيرادات تعادل قيمة المبالغ الّتي تدفعها الحكومة الفلسطينيّة لصالحقطاعغزّة، ليضيف مزيداً من الهشاشة في وضع ماليّة الحكومة، ويعمّق اختلالاتها، مسبّبة مزيداً من الضغوط والأعباء، وزادت من تعقيد الوضع على ماليّة الحكومة، ودفع الحكومة الفلسطينيّة إلى رفضاستلام هذه الإيرادات منقوصة. وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع التراجع المتوقّع في الإيرادات المحلّيّة (الضريبيّة وغير الضريبيّة)، جرّاء التراجع في النشاط الاقتصاديّ ودورة الأعمال. وفي ظلّ الغموض الّذي يكتنف إمكانات تحصيل هذه الإيرادات، وطول فترة الامتناع من استلامها، تزايدت المخاطر تجاه قدرة الحكومة على الوفاء بالالتزامات المترتّبة عليها خلال الأشهر المتبقّية من العام الحاليّ وما بعده. وأصبحت الحكومة أمام معضلة حقيقيّة، خاصّة وأنّ الخيارات المتاحة أمامها محدودة، الأمر الّذي يستدعي بالضرورة إعادة ترتيب أولويّات الإنفاق، وخصوصاً فيما يتعلّق برواتب الموظّفين، باعتبارها محرّك أساسيّ للاستهلاك والنموّ الاقتصاديّ. وفي أغلب الأحوال لن تتمكّن الحكومة من دفع رواتب الموظّفين بنفس مستوى الأشهر السابقة، وأن يتمّ ذلك من خلال الاقتراض من القطاع المصرفيّ (صرف سلفة/تمويل على حساب راتب الموظّفين). كيفينظر الاقتصاد الفلسطينيّ إلى المستقبلفي ضوء هذه التحدّيات وما هي الخطوات الّتي يمكن اتّخاذها لتعزيز الاستقرار الاقتصاديّ؟ لا بدّ من الإشارة هنا أن تعافي الاقتصاد الفلسطينيّ بشكل عامّ، اقتصاد قطاع غزّة بشكل خاصّ، سيحتاج إلى فترة طويلة ليعود إلى المستوى الّذي كان عليه ما قبل هذا العدوان، نظراً لحجم الدمار والخسائر الّتي سبّبها هذا العدوان، وشحّ الموارد الماليّة المحلّيّة المتاحة. كما أنّ التعامل مع مرحلة ما بعد العدوان، وخصوصاً فيما يتعلّق بعمليّة إعادة الإعمار وتحقيق التعافي وتعزيز الاستقرار الاقتصاديّ، يتطلّب تضافر الجهود المحلّيّة، والإقليميّة، والدوليّة. وممّا لاشكّ فيه أنّ الاحتلال وإجراءاته يمثّل التحدّي الأكبر والأهمّ أمام الاقتصاد الفلسطينيّ واستقراره، وبزوال الاحتلال يستعيد الاقتصاد عافيته واستقراره. غير أنّ مثل هذه الخطوة تتطلّب تشكيل مجموعة ضغطعربيّةإسلاميّة (لوبي عربيّ-إسلاميّ)، لإعادة إحياء المسيرة السلميّة وتفعيل حلّ الدولتين، مستفيدين من الزخم والتأييد الدوليّ المتزايد لعدالة القضيّة الفلسطينيّة في ضوء المجازر الّتي ارتكبها الاحتلال الإسرائيليّ في عدوانه الأخير على قطاع غزّة. وبالتوازيمع ذلك يتوجّب العمل أيضاً على إزالة المعيقات الّتي تؤثّر في الأداء الاقتصاديّ في كلّ من الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة. فعلى مستوى قطاع غزّة، يتوجّب العمل على رفع الحصار الخانق والمخالف للقانون الدوليّ الإنسانيّ، وتأمين التواصل الجغرافي مع الضفّة الغربيّة حرّيّة الحركة، واستقطاب الدعم الخارجيّ لإعادة إعمار ما خلّفه العدوان الحالي وماسبقه، مندمار واسعفي البنية التحتيّة ومرافق الحياة المختلفة. أمّا علىمستوى الضفّة الغربيّة، فيتوجّبالعملعلى إلغاء كافّة القيود المفروضةعلىحرّيّةحركة الأفرادوالبضائعبين المدنوالمحافظات، والحدّ من التوسّع الاستيطاني وإزالة المستوطنات المقامة في مناطق الضفّة الغربيّة وكبح اعتداءات المستوطنين المتزايدة، والعمل على الوصول ) والّتي تشكّل أكثر من C( والنفاذ إلى المناطق المصنّفة من مساحة الضفّة الغربيّة، والسماح للفلسطينيّين 60% بالاستثمار فيها واستغلال مواردها الطبيعة. وبالتوازي معذلك، يتوجّبوضع تصوّر/استراتيجيّة لتحديثالاقتصاد والنهوضبالأداء الاقتصاديّ وخلقمزيد من فرصالعمل، وبما يشمل تعزيز دور القطاع الخاصّ باعتباره رافعة النموّ. مع التأكيد على الدور الحيويّ الّذي سيلعبه القطاع المصرفيّ الفلسطينيّ من خلال توفير التمويل المطلوب بمختلف العملات والآجال.

RkJQdWJsaXNoZXIy MTAzNjM0NA==